كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فيض القدير شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير **


قال بلال الخواص كنت في تيه بني إسرائيل فإذا رجل يماشيني فألهمت أنه الخضر فقلت بحق الحق من أنت قال الخضر قلت ما تقول في مالك بن أنس قال إمام الأئمة قلت فالشافعي قال من الأوتاد قلت فأحمد قال صديق قلت فبشر قال لم يخلف بعده مثله قلت بأي وسيلة رأيتك قال ببرك لأمك وفيه أنه يلزم الرجل عند ضيق النفقة تقديم أمه على أبيه‏.‏

- ‏(‏ك عن عائشة‏)‏ وقال صحيح وأقره الذهبي ورواه عنه أيضاً البزار وغيره‏.‏

1187 - ‏(‏أعظم الناس بركة‏)‏ على زوجها ‏(‏أيسرهن‏)‏ وفي رواية أقلهن ‏(‏مؤنة‏)‏ قال العامري‏:‏ أراد المرأة التي قنعت بالقليل من الحلال عن الشهوات وزينة الحياة الدنيا فخفت عنه كلفتها ولم يلتجئ بسببها إلى ما فيه حرمة أو شبهة فيستريح قلبه وبدنه من التعنت والتكلف فتعظم البركة لذلك وفي رواية بدله مهوراً وفي أخرى صداقاً وأقلهن بركة من هي بضد ذلك وذلك لأنه داع إلى عدم الرفق واللّه سبحانه وتعالى رفيق يحب الرفق في الأمر كله قال عروة أول شؤم المرأة ‏[‏ص 6‏]‏ كثرة صداقها وفي خبر للديلمي تياسروا في الصداق إن الرجل ليعطى المرأة حتى يبقى ذلك في نفسه عليها حسيكة ‏.‏

روي أن عمر حمد اللّه ثم قال أن لا تغالوا في صداق النساء فإنه لا يبلغني عن أحد أنه ساق أكثر من شيء ساقه نبي اللّه أو سيق إليه إلا جعلت فضل ذلك في بيت المال فعرضت له امرأة فقالت يا أمير المؤمنين كتاب اللّه أحق أن يتبع أو قولك قال كتاب اللّه قالت قال تعالى ‏{‏وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً‏}‏ فقال عمر كل أحد أفقه من عمر ثم رجع المنبر فقال كنت نهيتكم أن تغالوا في صداق النساء فليفعل رجل في ماله ما أحب فرجع عمر عن اجتهاده إلى ما قامت عليه الحجة‏.‏

- ‏(‏حم ك‏)‏ في الصداق ‏(‏هب‏)‏ كذا البزار ‏(‏عن عائشة‏)‏ قال الحاكم صحيح على شرط مسلم وأقره الذهبي وقال الزين العراقي إسناده جيد انتهى وقال الهيثمي فيه ابن سخيرة وقال اسمه عيسى بن ميمون وهو متروك انتهى والمؤلف رمز لصحته فليحرر‏.‏

1188 - ‏(‏أعظم آية في القرآن‏)‏ أي أكثرها ثواباً كما أشار إليه بعضهم بقوله أراد بالعظم عظم القدر بالثواب المترتب على قراءتها وإن كان غيرها أطول ‏(‏آية الكرسي‏)‏ - قال البيضاوي وهذه الآية مشتملة على أمهات المسائل الإلهية فإنها دالة على أنه تعالى موجود واحد في الإلهية متصف بالحياة واجب الوجود لذاته مقوم لغيره إذ القيوم هو القائم بنفسه المقيم لغيره ولذلك قال عليه الصلاة والسلام إن أعظم آية في القرآن آية الكرسي من قرأها بعث اللّه ملكاً يكتب من حسناته ويمحو من سيئاته إلى الغد من تلك الساعة وقال من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة لم يمنعه من دخول الجنّة إلا الموت ولا يواظب عليها إلا صديق أو عابد ومن قرأها إذا أخذ مضجعه أمنه اللّه على نفسه وجاره وجار جاره والأبيات حوله- لما اشتملت عليه من أسماء الذات والصفات والأفعال ونفي النقص وإثبات الكمال ووقت به من أدلة التوحيد على أتم وجه في أحكم نظام وأبدع أسلوب وفضل الذكر والعلم يتبع المعلوم والمذكور وقد احتوت على الصفات صريحاً وضمناً وكررت فيها الأسماء الشريفة ظاهرة ومضمرة تسع عشرة مرة ولم يتضمن هذا المجموع آية غيرها وهي خمسون كلمة على عدد الصلوات المأمور بها أولاً في حضرة العرش والكرسي فكأنها مراقي لروح قاريها إلى ذلك المحل الأسمى الذي يعرج إليه الملائكة والروح في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ولعل هذا سرّ ما ثبت أنه لا يقرب من قرأها عند النوم شيطان لأن من كان في حضرة الرحمن عار عن وسوسة الشيطان ‏(‏وأعدل آية في القرآن‏)‏ قوله سبحانه وتعالى‏:‏ ‏(‏إن اللّه يأمر‏)‏ مستقبل بمعنى الدوام ‏(‏العدل‏)‏ بالتوسط في الاعتقاد كالتوحيد لا التعطيل والتشريك وفي العمل كالتعبد لا البطالة والترهب وفي الخلق كالجود لا البخل والتبذير ‏(‏والإحسان‏)‏ إلى الخلق أو المراد الأمر بالعدل في الفعل والإحسان في القول أو هما الإنصاف والتفضل أو التوحيد والعفو أو العدل استواء السر والعلانية والإحسان كون البر أحسن‏.‏ ولابن عبد السلام كتاب سماه الشجرة رد فيه جميع الأحكام الشرعية إلى هذه الآية وأجراه في سائر الأبواب الفقهية ‏(‏وأخوف آية في القرآن‏)‏ قوله تعالى ‏(‏فمن يعمل مثقال ذرة‏)‏ أي زنة أصغر نملة أو هباء قيل كل مئة ذرّة تزن حبة ‏(‏خيراً يره‏)‏ أي جزاءه أو في كتابه يسره أو يسوؤه أو عند المعاينة أو يعرف المؤمن عقاب شره بالبلايا والكافر ثواب خيره بالعطايا التي أوجدها في الدنيا ‏(‏ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره‏)‏ بشرط عدم الإحباط والمغفرة قال الصديق رضي اللّه تعالى عنه للنبي صلى اللّه عليه وسلم إني راء يا رسول اللّه ما عملت من خير وشر قال ما رأيت مما تكره فهو مثاقيل ذر الخير حتى تعطوه يوم القيامة وجاء صعصعة بن ناجية جد الفرزدق للنبي صلى اللّه عليه وسلم فقرأ هذه الآية فقال حسبي حسبي وهي أحكم آية في القرآن وتسمى الجامعة الفاذة ‏(‏وأرجى آية في القرآن‏:‏ قوله تعالى ‏(‏قل يا عبادي‏)‏ ‏[‏ص 7‏]‏ أفهم بالإضافة تخصيص المؤمنين كما هو عرف التنزيل ‏(‏الذين أسرفوا‏)‏ أي جاوزوا الحد ‏(‏على أنفسهم‏)‏ بالانهماك في المعاصي ‏(‏لا تقنطوا‏)‏ تيأسوا ‏(‏من رحمة اللّه‏)‏ مغفرته أولاً وتفضله ثانياً ‏(‏إن اللّه يغفر الذنوب جميعاً‏)‏ يسترها بعفوه ولو بلا توبة إذا شاء إلا الشرك‏.‏ ‏{‏إن اللّه لا يغفر أن يشرك به‏}‏ وما تقرر من أن الأولى أعدل والثانية أخوف والثالثة أرجى هو ما في هذا الخبر وأخذ به جمع من السلف والخلف وذهب آخرون إلى أن الأعدل والأخوف والأرجى آيات أخر وتمسكوا بموقوفات وآثار أخر وفي الإتقان في أرجى آية في القرآن بضعة عشر قولاً وليس في ذلك ما يقاوم الحديث المشروح على ضعفه فهو أحسن شيء في هذا الباب ولذلك أثره في الكتاب وفيه حجة للقول بتفضيل بعض القرآن على بعض ومنع منه الأشعري والباقلاني وجماعة محتجين بأن تفضيل بعضهم على بعض يقتضي نقص المفضول ولا نقص في كلامه تعالى وأجازه قوم وقالوا هو راجع إلى أعظم أجر قارئ ذلك وتوسط ابن عبد السلام وقال كلام اللّه في اللّه أفضل من كلامه في غيره ‏{‏قل هو اللّه أحد‏}‏ أفضل من ‏{‏تبت‏}‏ وعليه بنى الغزالي كتابه المسمى بجواهر القرآن‏.‏

- ‏(‏الشيرازي‏)‏ في الألقاب ‏(‏وابن مردويه‏)‏ في تفسيريه ‏(‏والهروي‏)‏ في فضائله أي فضائل القرآن كلهم ‏(‏عن ابن مسعود‏)‏ مرفوعاً رمز المصنف لضعفه‏.‏

1189 - ‏(‏أعظم الناس فرية‏)‏ بالكسر أي كذباً ‏(‏اثنان‏)‏ أحدهما ‏(‏شاعر يهجو‏)‏ من الهجو ‏(‏القبيلة‏)‏ المسلمة ‏(‏بأسرها‏)‏ أي كلها لإنسان واحد منهم كان ما يقتضيه لأن القبيلة لا تخلو من عبد صالح فهاجي الكل قد تورط في الكذب على التحقيق فلذلك قال أعظم فرية ‏(‏و‏)‏ الثاني ‏(‏رجل انتفى من أبيه‏)‏ ذكر الرجل وصف طردي والمراد الولد ولو أنثى وأراد بالأب من ولادة وإن علا ويظهر أن مثله الأم إذ لا فارق ويؤخذ منه أن ذلك كبيرة وبه صرحوا أما من هجا واحداً من قبيلة فإنه ليس أعظم الناس فرية وإن كان مفترياً أيضاً إذ يحرم هجو المسلم ولو تعريضاً وكذباً وصدقاً أما الكافر فيجوز هجوه وكذا مسلم مبتدع ومتظاهر بفسقه ذكره أصحابنا ثم إن ما ذكر من سياق الحديث هو ما رأيته في نسخ الكتاب والذي وقفت عليه في سنن ابن ماجه اعظم الناس فرية رجل هاجى رجلاً فهجى القبيلة بأسرها ورجل انتفى من أبيه وزنى أمه أي جعلها زانية‏.‏

- ‏(‏ابن أبي الدنيا‏)‏ أبو بكر القرشي ‏(‏في‏)‏ كتابه الذي صنفه في ‏(‏ذم الغضب ه عن عائشة‏)‏ وفيه عمرو بن مرة قال في الكاشف ثقة يرى الإرجاء ورواه عنها أيضاً البيهقي في الشعب والديلمي بل رواه البخاري في الأدب المفرد ولعل المؤلف لم يستحضره قال ابن حجر في الفتح بعد ما عزاه للبخاري في الأدب المفرد ولعل المؤلف لم يستحضره قال ابن حجر في الفتح بعد ما عزاه للبخاري في الأدب المفرد ولابن ماجه وسنده حسن‏.‏

1190 - ‏(‏أعف الناس قتلة‏)‏ بكسر القاف ‏(‏أهل الإيمان‏)‏ أي هم أرحم الناس بخلق اللّه وأشدهم تحرياً عن التمثيل والتشويه بالمقتول وإطالة تعذيبه إجلالاً لخالقهم وامتثالاً لما صدر عن صدر النبوة من قوله إذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة بخلاف أهل الكفر وبعض أهل الفسوق ممن لم تذق قلوبهم حلاوة الإيمان واكتفوا من مسماه بلقلقة اللسان وأشربوا القسوة حتى أبعدوا عن الرحمن وأبعد القلوب من اللّه القلب القاسي ومن لا يرحم لا يرحم والقتلة بالكسر هيئة القتل وهذا تهديد شديد في المثلة وتشويه الخلق‏.‏

- ‏(‏د ه عن ابن مسعود‏)‏ ورجاله ثقات‏.‏

1191 - ‏(‏اعقلها‏)‏ أي شد ركبة ناقتك مع ذراعها بحبل ‏(‏وتوكل‏)‏ أي اعتمد على اللّه قاله لمن قال يا رسول اللّه أعقل ناقتي وأتوكل أو أطلقها ‏[‏ص 8‏]‏ وأتوكل وذلك لأن عقلها لا ينافي التوكل الذي هو الاعتماد على اللّه وقطع النظر عن الأسباب مع تهيئتها وفيه بيان فضل الاحتياط والأخذ بالحزم‏.‏

- ‏(‏ت عن أنس‏)‏ واستغربه ثم حكى عن الفلاس أنه منكر وقال يحيى القطان حديث منكر وقال غيره فيه المغيرة بن أبي قرة السدوسي مجهول فهو معلول فعزو المصنف لمخرجه وسكوته عما عقبه به من القدح في سنده من سوء التصرف لكن قال الزركشي إنما أنكره القطان من حديث أنس وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه عن عمرو بن أمية الضمري قال قال رجل للنبي صلى اللّه عليه وسلم أرسل ناقتي وأتوكل قال اعقلها وتوكل وإسناده صحيح وقال الزين العراقي رواه ابن خزيمة والطبراني من حديث عمرو بن أمية الضمري بإسناد جيد بلفظ قيدها وتوكل وبه يتقوى‏.‏

1192 - ‏(‏أعلم الناس‏)‏ أي أكثرهم علماً ‏(‏من‏)‏ أي عالم ‏(‏يجمع علم الناس إلى علمه‏)‏ أي يحرص على تعلم ما عندهم مضافاً إلى ماعنده ‏(‏وكل صاحب علم‏)‏ نكره لمزيد التعميم ‏(‏غرثان‏)‏ أي جائع بغين معجمة مفتوحة وراء ساكنة فمثلثة يعني متلهف متعطش منهمك على استفادة ما عند غيره مما ليس عنده والمراد أنه لشدة حبه في العلم وحلاوته عنده وتلذذه بفهمه لا يزال طالباً تحصيله لا يشبع ولا يقنع ومن هذا دأبه يصير من أعلم الناس لشدة تحصيله للفوائد وضبطه للشوارد‏.‏

قال الغزالي قال أبو يزيد ليس العالم الذي يحفظ من كتاب فإذا أنسى ما حفظ صار جاهلاً إنما العالم الذي يأخذ علمه من ربه أي وقت شاء بلا تحفظ ولا درس وهذا هو العالم الرباني وإليه الإشارة بقوله تعالى ‏{‏وآتيناه من لدنا علماً‏}‏ مع أن كل علم من لدنه لكن بعضها بواسطة تعليم الخلق فلا يسمى ذلك علماً لدنياً بل العلم اللدني الذي ينفتح في سر العالم من غير سبب مألوف من خارج انتهى‏.‏

- ‏(‏ع جابر‏)‏ قال سئل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أي الناس أعلم فذكره قال الهيثمي‏:‏ فيه مسعدة بن اليسع وهو ضعيف جداً‏.‏

1193 - ‏(‏اعلم أنك‏)‏ خطاب لكل من يتأتى توجيه الكلام إليه أو لمعين وهو ثوبان أو المراد العموم وإنما صدر بالأمر مؤكداً بأن حثاً على التشمير إلى الإكثار من السجود الرافع للدرجات ‏(‏لا تسجد للّه سجدة‏)‏ أي في صلاة منفردة كسجدة تلاوة أو شكر ‏(‏إلا رفع اللّه لك بها درجة‏)‏ أي منزلة عالية المقدار ‏(‏وحط عنك بها خطيئة‏)‏ يعني فأكثر من الصلاة لترفع درجاتك وتمحى عنك سيئاتك قال الجنبد‏:‏ ليس من طلب اللّه يبذل المجهود كمن طلبه من طريق الجود و لهذا قال المصطفى صلى اللّه عليه وسلم لمن سأله أن يشفع له وأن يكون معه في الجنة أعني على نفسك بكثرة السجود وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء لولا ثلاث لأحببت أن لا أبقى في الدنيا وضع وجهي لخالقي في الليل والنهار، وظمأ الهواجر، ومقاعد أقوام ينتفون الكلام كما تنتقى الفاكهة‏.‏

- ‏(‏حم ع طب‏)‏ عن أبي أمامة رمز المصنف لصحته وهو كما قال فقد قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح‏.‏

1194 - ‏(‏اعلم‏)‏ بصيغة الأمر أي اعرف قال في الصحاح علمت الشيء أعلمه علماً عرفته فظاهره أن العلم هو المعرفة لكن فرق بأن المعرفة إدراك الجزيئات والعلم إدراك الكليات ولذلك لا يقال اللّه عارف كما يقال عالم ‏(‏يا أبا مسعود‏)‏ لفظ رواية مسلم وأبا داود بحذف حرف النداء ‏(‏أن اللّه‏)‏ وفي رواية أبا تمام واللّه إن اللّه ‏(‏أقدر عليك منك على هذا الغلام‏)‏ الذي تضربه أي أقدر عليك بالعقوبة من قدرتك على ضربه لكنه يحلم إذا غضب وأنت لا تقدر على الحلم إذا غضبت‏.‏

- ‏(‏م‏)‏ عن أبي مسعود عقبة بن عامر البدري قال بينا أضرب غلاماً لي بالسوط فسمعت صوتاً خلفي اعلم ‏[‏ص 9‏]‏ يا أبا مسعود فالتفت فإذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وعلى آله وسلم فذكره فقلت يا رسول هو حر لوجه اللّه فقال أما لو لم تفعل للفحتك النار وفي رواية كنت أضرب غلاماً لي بالسوط فسمعت صوتاً من خلفي اعلم أبا مسعود فلم أفهم الصوت من الغضب فلما دنا مني فإذا هو رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وإذا هو يقول اعلم إلى آخره فقلت لا أضرب مملوكاً بعده أبداً وفي رواية فسقط السوط من يدي هيبة له قال النووي رواه مسلم بهذه الروايات‏.‏

قد اختلف الناس في حد العلم على أقاويل لا تكاد تحصى وذلك مشهور ومعروف وهنا ألفاظ تظن أنها مرادفة للعلم ينبغي بيانها الأول الشعور وهو أول مراتب وصول العلم إلى القوة العاقلة فهو إدراك من غير تثبت الثاني الإدراك وهو لغة الوصول واللحاق بالشيء وملاقاته ويسمى وصول العقل إلى المعقول إدراكاً، الثالث التصور وهو حصول صورة الشيء في العقل الرابع الحفظ وهو تأكد ذلك واستحكامه أو يصير بحيث لو زال لتمكنت القوة من استرجاعه‏.‏ الخامس التذكر وهو محاولة القوة لاسترجاع ما زال من المعلومات السادس الذكر وهو فائدة التذكر السابع الفهم وهو يتعلق بلفظ المخاطب غالباً‏.‏ الثامن الفقه وقال الإمام الرازي هو العلم بغرض المخاطب ولهذا قال تعالى في الكفار ‏{‏لا يكادون يفقهون حديثاً‏}‏ أي لا يفقهون الغرض من الخطاب التاسع الدراية وهي المعرفة التي تحصل بعد رؤية وتقديم مقدمات‏.‏ العاشر اليقين وهو أن يعلم الشيء وامتناع خلافه الحادي عشر الذهن وهو قوة النفس واستعدادها لاكتساب العلوم التي ليست بحاصلة‏.‏ الثاني عشر الفكر وهو الانتقال من التصديقات الحاضرة والتصديقات المحضرة‏.‏ الثالث عشر الحدس وهو الذي يميز به عمل الفكر وهو استعداد النفس لوجود المتوسط بين الطرفين المصير للنسبة المجهولة معلومة لأن كل مجهول لا يعلم إلا بواسطة مقدمتين معلومتين تنتج المطلوب، الرابع عشر الذكاء وهو قوة الحدس وبلوغه الغاية الخامس عشر الفطنة وهو التنبه للشيء الذي قصد تعريفه‏.‏ السادس عشر الكيس وهو استنباط الأنفع والأولى‏.‏ السابع عشر الرأي وهو استحضار المقدمات وإجالة الخاطر فيها وفيما يعارضها وطلب استنتاجها علي الوجه المصيب وهو دلالة الفكر‏.‏

- ‏(‏م عن أبي مسعود‏)‏ عقبة بن عامر البدري قال بينا أضرب غلاماً فسمعت صوتاً خلفي اعلم أبا مسعود فالتفت فإذا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكره فقلت يا رسول اللّه هو حر لوجه اللّه فقال أما لو لم تفعل للفحتك النار‏.‏

1195 - ‏(‏اعلم يا بلال‏)‏ ابن الحارث قال ما أعلم يا رسول اللّه قال اعلم ‏(‏أنه‏)‏ أي الشأن ‏(‏من أحيا سنة من سنتي‏)‏ أي علمها وعمل بها ونشرها بين الناس وحث على متابعتها وحذر من مخالفتها والسنة ما شرعه النبي صلى اللّه عليه وسلم من الأحكام فقد تكون فرصاً كزكاة الفطر وقد تكون غيره كعيد وجماعة وقال الأشرفي الظاهر يقتضي من سنتي بصيغة الجمع لكن الرواية بالإفراد وقال الطيبي‏:‏ هو جنس شائع في أفراده وأحيا استعير للعمل بها وقوله ‏(‏قد أميتت بعدي‏)‏ أي تركت وهجرت استعارة أخرى وهي كالترشيح للاستعارة الأولى ‏(‏كان له من الأجر مثل‏)‏ أجر ‏(‏من‏)‏ أي كل إنسان مؤمن ‏(‏عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً‏)‏ لما كانت الجهة استوجبت بها المسبب الأجر والجزاء غير التي استوجب بها المباشر لم ينقص أجره من أجره ‏(‏ومن ابتدع بدعة ضلالة‏)‏ قال الأشرفي روي بالإضافة ويصح نصبه تعتاً ومنعوتاً وفيه إشارة إلى أن بعض البدع-أي في العادات وأما في العبادات فهي ضلالة قطعاً للجمع بين النصوص‏.‏

غير ضلالة ‏(‏لا يرضاها اللّه ورسوله‏)‏ صفة شارحة لما قبلها ‏(‏كان عليه مثل آثام من عمل بها‏)‏ من الناس- ‏(‏لا ينقص ذلك من أوزار‏)‏ جمع وزر وهو الإثم ‏(‏الناس شيئاً‏)‏ قال البيضاوي‏:‏ أفعال العباد وإن كانت غير موجبة ولا مقتضية لثواب ولا لعقاب بذاتها لكنه تعالى أجرى عادته بربط الثواب ‏[‏ص 10‏]‏ والعقاب بها ارتباط المسببات بأسبابها وفعل ما له تأثير في صدوره يوجه‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ وكذا ابن ماجه ‏(‏عن ابن عمرو بن عوف‏)‏ الأنصاري البدري حسنه الترمذي ورواه المنذري بأن فيه الكثير بن عبد اللّه بن عمرو وهو متروك واه لكن للحديث شواهد كثيرة ترفعه إلى درجة الحسن‏.‏

1196 - ‏(‏اعلموا أنه ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله‏)‏ قال بعض المخاطبين وكيف ذلك يا رسول اللّه قال ‏(‏مالك ما قدمت‏)‏ أي صرفته في وجوه القرب فصار أمامك تجازى عليه بعد موتك في الآخرة ‏(‏ومال وارثك ما أخرت‏)‏ أي ما خلفته بعدك فالذي تخلفه بعدك إنما هو لوارثك لهذا قال بعض العارفين قدموا بعضاً ليكون لكم ولا تخلفوا كلاً ليكون عليكم‏.‏ قال الماوردي‏:‏ وروي عن عائشة قالت ذبحنا شاة فتصدقنا بها فقلت يا رسول اللّه ما بقي منها إلا كتفها قال كلها بقي إلا كتفها فالحازم من عمد إلى ما زاد عن كفايته فيرى انتهاز الفرصة فيها فيضعها بحيث تكون له ذخراً معداً وغماً مستجداً ومن يدخر المال لولده ونحوه من ورثته إشفاقاً عليه من كد الطلب وسوء المنقلب استحق الذم واللوم من وجوه منها سوء الظن بخالقه في أنه لا يرزقهم إلا من جهته والثقة ببقاء ذلك على ولده مع غدر الزمان ومحنه ومنها ما حرم من منافع ماله وسلب من وفور حاله وقد قيل إنما مالك لك أو لوارثك أو للجانحة فلا تكن أشقى الثلاثة ومنها ما لحقه من شقاء حمقه وناله من عناء كده حتى صار ساعياً محروماً وجاهداً مذموماً ومن ثم قالوا رب مغبوط بمسرة هي داؤه ومحزون من سقم هو شفاؤه ومنها ما يؤخذ به من وزره وآثامه ويحاسب عليه من شقائه وإجرامه وكما حكي أن هشام بن عبد الملك لما ثقل بكى عليه ولده فقال جاد لكم هشام بالدنيا وجدتم له بالبكاء وترك لكم ما كسب وتركتم عليه ما اكتسب فعلم من هذا التقرير أن الحديث مسوق لذم من قتر على نفسه وعياله وشح بالمال أن ينفق منه في وجوه القرب وادخره لورثته‏.‏ أما من وسع على عياله وتصدق قصداً بالمعروف ثم فضل بعد ذلك شيء فادخره لعياله فلا يدخل في الذنب بدليل خبر لأن تترك ورثتك أغنياء خير إلخ وقضيته أن من مات وخلف ديناً لوارثه فلم يقبضه ثم مات الكل كان المطالب به في الآخرة الوارث لكن صرح أئمتنا بأن المطالب فيها صاحب الحق أولاً‏.‏

- ‏(‏ن عن ابن مسعود‏)‏ قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أيكم مال وارثه أحب إليه من ماله اعلموا إلخ وهو في الصحيحين بنحوه‏.‏

1197 - ‏(‏أعلنوا النكاح‏)‏ أي أظهروه إظهاراً وفرقا بينه وبين غيره من المآدب وهذا نهي عن نكاح السر وقد اختلف في كيفيته فقال الشافعي‏:‏ كل نكاح حضره رجلان عدلان وقال أبو حنيفة‏:‏ رجلان أو رجل وامرأتان خرج عن نكاح السر وإن تواصوا بكتمانه وذهبوا إلى أن الإعلان المأمور به هو الإشهاد وقال المالكية نكاح السر أن يتواصوا مع الشهود على كتمانه وهو باطل فالإعلان عندهم فرض ولا يغني عنه الإشهاد والأقرب إلى ظاهر الخبر أن المراد بالإعلان إذاعته وإشاعته بين الناس وإن الأمر للندب وأخذ منه ابن قتيبة وغيره أنه لا بأس بإظهار الملاعب في المآدب وساق سنده عن الخبر أنه لما ختن بنيه أرسل عكرمة ودعا الملاعبين وأعطاهم دراهم‏.‏

- ‏(‏حم حب طب حل ك‏)‏ من حديث عامر بن عبد اللّه ‏(‏عن‏)‏ عبد اللّه ‏(‏بن الزبير‏)‏ بضم الزاي وفتح الموحدة ‏(‏ابن العوام‏)‏ بفتح المهملة وشد الواو الصحابي ابن الصحابي أمير المؤمنين أول مولود ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة، وأول شيء دخل جوفه ريق المصطفى صلى اللّه عليه وسلم وكان أطلس لا لحية له وكان صواماً قواماً عظيم المجاهدة بويع بالخلافة بمكة فحصره الحجاج وقتل مظلوماً ورواه عنه هكذا البيهقي وقال تفرد به عامر هذا انتهى قال الذهبي‏:‏ ولم يضعف ولا هو من رجال الكتب الستة‏.‏ قال الهيثمي‏:‏ رجال أحمد ثقات ومن ثم رمز المصنف لصحته‏.‏

‏[‏ص 11‏]‏ 1198 - ‏(‏أعلنوا هذا النكاح‏)‏ أشيعوا عقده وأذيعوه ندباً ولا تكتموه وليس المراد هنا الوطء بدليل تعقيبه بقوله ‏(‏واجعلوه في المساجد‏)‏ مبالغة في إظهاره واشتهاره فإنه أعظم محافل أهل الخير والفضل ‏(‏واضربوا عليه بالدفوف‏)‏ جمع دف بالضم ويفتح ما يضرب به لحادث سرور ‏(‏فإن قلت‏)‏ المسجد يصان عن ضرب الدفوف فيه فكيف أمر به ‏(‏قلت‏)‏ ليس المراد أنه يضرب به فيه بل خارجه والمأمور بجعله فيه مجرد العقد فحسب وقد أفاد الخبر حل ضرب الدف في العرس ومثله كل حادث سرور ومذهب الشافعية أن الضرب به مباح مطلقاً ولو بجلاجل وقد وقع الضرب به بحضرة شارع الملة ومبين الحلّ من الحرمة وأقره قال ابن حجر‏:‏ واستدل بقوله واضربوا على أن ذلك لا يختص بالنساء لكنه ضعيف والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء فلا يلحق بهن الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن انتهى وما ذكره تقدمه إليه الحليمي فخص حله بالنساء وقد أطال السبكي في رده فلا فرق بين ضربه من امرأة أو رجل على الأصح الذي اقتضاه قول الحديث اضربوا‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ في النكاح من حديث عيسى بن ميمون عن القاسم ‏(‏عن عائشة‏)‏‏.‏

قال أعني الترمذي وعيسى هذا ضعيف انتهى وجزم البيهقي بصحته وقال ابن الجوزي ضعيف جداً وقال ابن حجر في الفتح سنده ضعيف وقال الديلمي في تخريج أحاديث الهداية ضعيف لكن توبع ابن ماجه‏.‏

1199 - ‏(‏أعمار أمتي‏)‏ أمة الدعوة لا أمة الإجابة كما هو بين ولكل مقام مقال ‏(‏ما بين الستين‏)‏ من السنين ‏(‏إلى السبعين‏)‏ أي ما بين الستين والسبعين وإنما عبر بإلى التي للانتهاء ولم يقل والسبعين الذي هي حق التعبير ليبين أنها لا تدخل إلا على متعدد لأن التقدير ما بين الستين وفوقها إلى السبعين فإلى غاية الفوقية لدلالة الكلام عليه وقال بعضهم معناه آخر عمر أمتي ابتداؤه إذا بلغ ستين وانتهاؤه سبعين ‏(‏وأقلهم من يجوز ذلك‏)‏ قال الطيبي‏:‏ هذا محمول على الغالب بدليل شهادة الحال فإن منهم من لم يبلغ ستين وهذا من رحمة اللّه بهذه الأمة ورفقه بهم أخرهم في الأصلاب حتى أخرجهم إلى الأرحام بعد نفاد الدنيا ثم قصر أعمارهم لئلا يلتبسوا بالدنيا إلا قليلاً فإن القرون السالفة كانت أعمارهم وأبدانهم وأرزاقهم أضعاف ذلك كان أحدهم يعمر ألف سنة وطوله ثمانون ذراعاً وأكثر وأقل وحبة القمح ككلوة البقرة والرمانة يحملها عشرة فكانوا يتناولون الدنيا بمثل تلك الأجساد وفي تلك الأعمار فبطروا واستكبروا وأعرضوا عن اللّه ‏{‏فصب عليهم ربك سوط عذاب‏}‏ فلم يزل الخلق ينقصون خلقاً ورزقاً وأجلاً إلى أن صارت هذه الأمة آخر الأمم يأخذون أرزاقاً قليلة بأبدان ضعيفة في مدة قصيرة كيلا يبطروا فذلك رحمة بهم قال بعض الحكماء الأسنان أربعة سن الطفولية ثم الشباب ثم الكهولة ثم الشيخوخة وهي آخر الأسنان وغالب ما تكون بين الستين والسبعين فحينئذ يظهر بالنقص ضعف القوة والانحطاط فينبغي له الإقبال على الآخرة لاستحالة رجوعه للحالة الأولى من القوة والنشاط‏.‏

- ‏(‏ت‏)‏ عن أبي هريرة وقال حسن غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه قال ابن حجر وهو عجيب منه فقد رواه في الزهد أيضاً من طريق أخرى عن أبي هريرة وإليه أشار المصنف بقوله ‏(‏ع عن أنس‏)‏ قال وفيه عنده عبد الأعلى شيخ هشيم‏.‏ وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه ابن حبان والحاكم بسند الترمذي الأول ومتنه وقال في الفتح سنده حسن‏.‏

1200 - ‏(‏اعمل لوجه واحد يكفيك‏)‏ من الكفاية والفاعل المعمول له المدلول عليه بالفعل ‏(‏الوجوه كلها‏)‏ أي اعمل للّه تعالى وحده خالصاً لوجهه يكفيك جميع مهماتك في حياتك وبعد مماتك قال الغزالي اعمل لأجل من إذا عملت لأجله ووحدته بقصدك وطلبت رضاه بعملك أحبك وأكرمك وأغناك عن الكل ولا تشرك بعبادته عبداً حقيراً مهيناً ‏[‏ص 12‏]‏ لا يغني عنك شيء‏.‏

- ‏(‏عد فر عن أنس‏)‏ وفيه أبو عبد الرحمن السلمي سبق أنه وضاع للصوفية ومحمد بن أحمد بن هارون قال الذهبي في الضعفاء متهم بالوضع ونافع بن هرمز أبو هرمز قال في الميزان كذبه ابن معين وتركه أبو حاتم وضعفه أحمد انتهى وبه يعرف أن سنده هلهل بالمرة فكان ينبغي للمصنف حذفه‏.‏

1201 - ‏(‏اعمل عمل من‏)‏ وفي نسخة امرىء ‏(‏يظن أن لا يموت أبداً واحذر حذر امرىء يخشى أن يموت غداً‏)‏ أي قريباً جداً ولم يرد حقيقة الغد والمراد تقديم أمر الآخرة وأعمالها حذر الموت بالفوت على عمل الدنيا وتأخير أمر الدنيا كراهة الاشتغال بها على عمل الآخرة وأما ما فهمه البعض أن المراد اعمل لدنياك كأنك تعيش ابداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً ويكون المراد الحث على عمارة الدنيا لينتفع من يجيء بعد والحث على عمل الآخرة فغير مرضي لأن الغالب على أوامر الشارع ونواهيه الندب إلى الزهد في الدنيا والتقليل من متعلقاتها والوعيد على البناء وغيره وإنما مراده أن الإنسان إذا علم أنه يعيش أبداً قل حرصه وعلم أن ما يريده لن يفوته تحصيله بترك الحرص عليه والمبادرة إليه فإنه إن فاتني اليوم أدركته غداً فإني أعيش أبداً فقال النبي اعمل بعمل من يظن أنه يخلد فلا يحرص على العمل فيكون حثاً على التقليل بطريق أنيق ولفظ رشيق ويكون أمره بعمل الآخرة على ظاهره فيجمع بالأمرين حالة واحدة وهو الزهد والتقلل لكن بلفظين مختلفين أفاده بعض المحققين لكن يعضد الأول خبر إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها وفيه تنبيه على أن من حق المؤمن أن لا يذهب عنه ولا يزال عن ذهنه أن عليه من اللّه عيناً كالئة ورقيباً مهيمناً وأجلاً قريباً حتى يكون في أوقات خلواته من ربه أهيب وأحسن احتشاماً وأوفر تحفظاً منه مع الملأ‏.‏

- ‏(‏هق عن ابن عمرو‏)‏ بن العاص ورواه عنه الديلمي أيضاً ورمز لضعفه وذلك لأن فيه مجهولاً وضعفاً‏.‏

1202 - ‏(‏اعملوا‏)‏ بظاهر ما أمرتم ولا تتكلوا على ما كتب لكم من خير وشر ‏(‏فكل‏)‏ أي كل من خلق ‏(‏ميسر‏)‏ أي مهيئ ومصروف ‏(‏لما خلق له‏)‏ أي لأمر خلق ذلك المرء له فلا يقدر البتة على عمل غيره فذو السعادة ميسر لعمل أهلها بحكم القدر الجاري عليه وإذا غلبت مادة الحكم واستحكمت في إنسان فإنما تيسر له عمل الخبث فكان مظهراً للأفعال الخبيثة التي هي عنوان الشقاء وحكم عكسه عكس حكمه‏.‏

قال الغزالي بين بهذا الخبر أن الخلق مجاري قدر اللّه ومحل أفعاله وإن كانوا هم أيضاً من أفعاله لكن بعض أفعاله محل لبعض وقوله اعملوا وإن جرى على لسان الرسول فهو فعل من أفعاله تعالى وهو سبب لعلم الخلق بأن العلم نافع وعلمهم من أفعال اللّه وهو سبب لحركة الأعضاء وهي أيضاً من أفعاله تعالى لكن بعض أفعاله مسبب للبعض أي الأول شرط للثاني كخلق الحياة شرط لخلق العلم والعلم للإرادة بمعنى أو لا يستعد لقبول العلم إلا ذو حياة ولا للإرادة إلا ذو علم فيكون بعض أفعاله سبباً للبعض لا موجباً لغيره وهذا القول من اللّه سبب لوجود الاعتقاد والاعتقاد سبب للخوف والخوف سبب لترك الشهوات والتجافي عن دار الغرور وهو سبب الوصول إلى جوار الرحمن وهو مسبب الأسباب ومرتبها فمن سبق له في الأزل السعادة يسر له الأسباب التي تقوده بسلاسلها إلى الجنة ومن لا يبعد عن سماع كلام اللّه ورسوله والعلماء فإذا لم يسمع لم يعلم وإذا لم يعلم لم يخف وإذا لم يخف لم يترك الركون إلى الدنيا وإذا لم يتركه صار من حزب الشيطان ‏{‏وإن جهنم لموعدهم أجمعين‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب عن ابن عباس وعن عمران بن حصين‏)‏ قال قال رجل يا رسول اللّه أنعمل فيما جرت به المقادير وجفت به القلم أو شيء نستأنفه قال بل بما جرت به المقادير وجف به القلم قال ففيم العمل، قال اعملوا إلخ قال الهيثمي رجاله تقات انتهى ومن ثم رمز المصنف لصحته وظاهر ‏[‏ص 13‏]‏ عدوله للطبراني واقتصاره عليه أنه لا يوجد مخرجاً لأحد من السنة والأمر بخلافه فقد رواه الشيخان من حديث علي قال كنا في جنازة في بقيع الفرقد فأتانا المصطفى صلى اللّه عليه وسلم فقعد وقعدنا حوله ومعه مخصرة فنكث وجعل ينكث بمخصرته ثم قال ما منكم من أحد إلا وقد كتب مقعده من النار ومقعده من الجنة فقالوا يا رسول اللّه أفلا نتكل على كتابنا فقال اعملوا كل ميسر لما خلق له قال الطيبي‏:‏ قوله مقعده أي محل قعوده وكنى عن كونه من أهل الجنة أو النار باستقراره فيها والواو المتوسطة بينهما لا يمكن أن تجري على ظاهرها فإن ما النافية ومن الاستغراقية يقتضيان أن يكون لكل أحد مقعد من النار ومقعد من الجنة وإن ورد في حديث آخر هذا المعنى لأن التفصيل الآتي يأبى حمله على ذلك فيجب أن تكون الواو بمعنى أو قال‏:‏ وقوله أفلا نتكل أي أفلا نعتمد على ما كتب لنا في الأزل ونترك العمل يعني إذا سبق القضاء لكل واحد منا بجنة أو نار فأي فائدة في السعي فإنه لا يرد القضاء والقدر فأجاب بقوله اعملوا وهو من أسلوب الحكيم منعهم عن الاتكال والترك وأمرهم بامتثال ما يجب على العبد من امتثال أمر ربه وعبوديته عاجلاً وتفويض الأمر إليه آجلاً يعني أنتم عبيد ولابد لكم من العبودية بما أمرتم وإياكم والتصرف في الأمور الإلهية لآية ‏{‏وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون‏}‏ فلا تجعلوا العبادة وتركها سبباً مستقلاً لدخول الجنة والنار بل هي أمارات وعلامات ولا بد في الإيجاب من لطف اللّه أو خذلانه‏.‏

1203 - ‏(‏اعملوا فكل ميسر لما يهدى‏)‏ يرشد ‏(‏له من القول‏)‏ الذي اقتضاه اللّه تعالى وقدره في الأزل وهو قوله تعالى ‏{‏فريق في الجنة وفريق في السعير‏}‏ فالعمل بحسب ما سبق في الأزل من التقدير كما دل عليه خبر القبضتين وقد سبق أن التوفيق خلق قدرة الطاعة في العبد والخذلان ضده وللّه كلية الخلق هدى وإضلالاً وإظهاراً لكلمته الجامعة الشاملة لمتقابلات الازدواج التي منتهاها قسمة إلى الدارين دار نور رحمني من اسمه العزيز الحليم ودار نار انتقامي من اسمه الجبار المنتقم ‏{‏ويوم تقوم الساعة يومئذٍ يتفرقون‏}‏‏.‏

- ‏(‏طب عن عمران بن حصين‏)‏ رمز المصنف لضعفه‏.‏

1204 - ‏(‏اعملي‏)‏ يا أم سلمة ‏(‏ولا تتكلي‏)‏ أي تتركي العمل وتعتمدي على ما في الذكر أو اعملي ولا تعتمدي على العمل فقد لا يقبل أو اعملي صالحاً بجد واجتهاد للّه وحده خالصاً من شوب رياء أو إشراك فإنك لا تحتاجين مع ذلك إلى شفاعتي بدليل تعليله بقوله ‏(‏فإن شفاعتي للّهالكين من أمتي‏)‏ أي أهل الكبائر المصرين عليها المفرطين في الأعمال من أمة الإجابة وفي رواية للاهين من أمتي قالوا حقيقة الإنسان لا تقتضي لذاتها سعادة ولا ضدها بل هي بأمور خارجية باقتضاء الحكمة الربانية فتلك الأمور معروضاتها حاصلة في القضاء إجمالاً فما يقع من الأفراد تفصيل لذلك خيراً كان أو شراً ولا يمكن مخالفة التفصيل للإجمال ‏(‏تتمة‏)‏ قال في الحكم إحالتك الأعمال على وجود الفراغ من رهونات النفوس لا تتطلب منه أن يخرجك من حالة يستعملك فيما سواها فلو أرادك لاستعملك من غير إخراج ما أرادت همة سالك أن تقف إلا ودناتها هواتف الحقيقة الذي تطلبه أمامك‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ وكذا الطبراني ‏(‏عن أم سلمة‏)‏ واسمها هند أورده ابن عدي في ترجمة عمرو بن مخرم وقال له بواطيل منها هذا الخبر أخرجه الطبراني من هذا الوجه بهذا اللفظ فقال الهيثمي فيه عمرو بن المخرم وهو ضعيف وبه يعرف أن عزو المصنف الحديث لابن عدي وحذفه ما عقب به من بيان حاله من سوء التصرف وبتأمل ما تقرر يعرف أن من جعل حديث الطبراني شاهداً لحديث لابن عدي فقد أخطأ لأن الطريق واحد والمتن واحد‏.‏

1205 - ‏(‏أعينوا‏)‏ ندباً ‏(‏أولادكم على البر‏)‏ على بركم بالإحسان وعدم التضييق عليهم والتسوية بينهم في العطية ‏(‏من ‏[‏ص 14‏]‏ شاء استخرج العقوق من ولده‏)‏ أي نفاه عنه بأن يفعل معه من معاملته باللطف والانصاف والإكرام ما يوجب عوده للطاعة ومن استعطافه بالإنعام ما يحمله على عدم المخالفة‏.‏

- ‏(‏طس عن أبي هريرة‏)‏ قال الهيثمي فيه من لم أعرفهم انتهى‏.‏

1206 - ‏(‏أغبط‏)‏ لفظ رواية الترمذي إن أغبط ‏(‏الناس‏)‏ اسم تفضيل مبني للمفعول من غبط أي أحقهم ‏(‏عندي‏)‏ بأن يغبط أي يتمنى مثل حاله ونص على العندية تأكيداً لاستحسان ذلك وجزماً بأغبطية من هذا حاله ‏(‏مؤمن‏)‏ لفظ رواية الترمذي لمؤمن بزيادة اللام أي موصوف بأنه ‏(‏خفيف الحاذ‏)‏ بحاء مهملة وذال معجمة مخففة أي خفيف الظهر من العيال والمال بأن يكون قليلهما والغبطة تمني أن يكون لك مثل ماله ويدوم عليه ما هو فيه‏.‏ قال الزركشي في اللآلىء‏:‏ وأصل الحاذ طريقة المتن وهو ما يقع عليه اللبد من متن الفرس ضرب به المصطفى صلى اللّه عليه وسلم المثل لقلة ماله وعياله انتهى ‏(‏ذو حظ من صلاة‏)‏ أي ذو نصيب وافر منها من مزيد النوافل والتجهد ‏(‏وكان رزقه كفافاً‏)‏ أي كافاً عن الحاجة يعني بقدر حاجته لا ينقص ولا يزيد بل يكفيه على وجه التقنع والتقشف لا التبسط والتوسع كما يفيده قوله ‏(‏فصبر عليه‏)‏ أي حبس نفسه على الفناعة به غير ناظر إلى توسع أبناء الدنيا في المطاعم والملابس ونحوها ‏(‏حتى يلقى اللّه‏)‏ أي إلى أن يموت فيلقاه ‏(‏وأحسن عبادة ربه‏)‏ بأن أتى بها بكمال الواجبات والمندوبات ونص على الصلاة مع دخولها فيها اهتماماً بها لكونها أفضلها وخص الرب إشارة إلى أنه إذا أحسنها أحسن إليه بالقبول والتربية‏.‏ ألا ترى إلى قوله في الحديث الآتي إن اللّه يقبل الصدقة ويأخذها بيمينه ويربيها كما يربي أحدكم مهره حتى أن اللقمة لتصير مثل أحداً ‏(‏وكان غامضاً‏)‏ بغين وضاد معجمتين أي خاملاً لا يعرفه كل أحد وروي بصاد مهملة وهو فاعل بمعنى مفعول أي محتقراً ‏(‏في أعين الناس عجلت منيته‏)‏ أي كان قبض روحه سهلاً لأن من كثر ماله وعياله شق عليه الموت لالتفاته إلى ما خلف وطموحه إلى طيب العيش ولذة الدنيا والمنية الموت وسمي منية لأنه مقدر بوقت مخصوص ‏(‏وقل ترابه‏)‏ بمثناة فوقية مضمومة مبدلة من أو ثم مثلثة أي ميراثه ‏(‏وقلت‏)‏ وفي رواية فقلت ‏(‏بواكيه‏)‏ لقلة عياله وهوانه عليهم وهو جمع باكية ومنه حديث ‏"‏اللّهم غبطاً لا هبطاً‏"‏ أي أسألك منزلة أغبط عليها لا ما يهبطني فمن قلت بواكيه وشكرت مساعيه وأنطق اللّه الألسنة بالثناء فيه فخليق بأن يغبط وإنما كان قليل العيال والمال أغبط من غيره لأن الأولاد من أعدى أعداء الإنسان وكثرة المال تحمله على الطغيان فإن فرض عدمه فذلك ضار له بطول وقوفه للحساب عليه حتى يسبقه الفقير إلى الجنة بخمس مئة عام وإن فرض وجود عيال تحمل الرجل على فعل ممنوع شرعاً وقد كفاه غيره مؤنتهم لكن ما يعرض من حادث سرور أو شرور يشغله الالتفات له عن التفرغ لعبادة ربه وفيه حث على الخفاء وعدم الشهرة قال في الحكم ادفن وجودك في أرض الخمول فما نبت مما لم يدفن لا يتم نتاجه وقيل لأعرابي من أنعم الناس عيشاً قال أنا‏؟‏ قيل فما بال الخليفة فقال‏:‏

وما العيش إلا في الخمول مع الغنى * وعافية تغدو بها وتروح

والخمول واجب في ابتداء السلوك عند الصوفية محبوب في غيره وتختلف باختلاف المقامات فخمول المريد عزلته عن الناس وخروجه عن أوصافه النفسانية بحيث لم يبق له ملكاً ولا سلكاً ولا علماً ولا عملاً ولا جاهاً ولا وجهة ولا قولاً ولا فعلاً وعلى أساس هذا الخمول تبنى قلعة التحصن من جند عدو النفس الشيطانية وخمول السالك إخفاء أفعاله الحسنة المتقرب بها إلى الحق فإظهار ما يناقضها حرصاً على الرقي والخلاص إلى مقام الصدق بالإخلاص وهذا التستر محمود عند ذوي الحقيقة معظم بين أهل الطريقة حتى قالوا الخمول نعمة وكل الناس تأباه والظهور نقمة وكل الناس ‏[‏ص 15‏]‏ تتمناه والظهور يقطع الظهور وفيه حجة لمن فضّل الفقير على الغني‏.‏

- ‏(‏حم ت‏)‏ في الزهد ‏(‏ك هب‏)‏ وكذا أبو نعيم ‏(‏عن أبي أمامة‏)‏ قال الزركشي في اللآلىء بعد عزوه للترمذي‏:‏ إسناده ضعيف وقال الصدر المناوي فيه على بن زيد وهو ضعيف‏.‏

1207 - ‏(‏أغبوا‏)‏ بفتح الهمزة وكسر المعجمة وضم الموحدة المشددة ‏(‏في العيادة‏)‏ بمثناة تحتية أي في عيادة المريض قال الزمخشري‏:‏ الإغباب أن تعوده يوماً وتتركه يوماً أي فلا تلازموا المريض كل يوم لما يجد من الثقل ومنه خير زر غباً تزدد حباً ‏(‏وأربعوا‏)‏ هو بقطع الهمزة مفتوحة وسكون المهملة وكسر الموحدة أي دعوه يومين بعد يوم الزيارة وعودوه في الرابع أصله من الربع في أوراد الإبل وهو أن ترد يوماً وتترك يومين لا تسقى ثم تورد في الرابع هذا إذا كان صحيح العقل وإلا فلا يعاد وفي غير متعهده ومن يأنس به أو يشق عليه انقطاعه أما هو فيلازمه لفقد العلة وهي الثقل وفيه أنه تسن العيادة وكونها غباً أو ربعاً بلا إطالة إن كان المريض مسلماً وكذا ذمي لقرابة أو جوار ورجاء إسلام وإلا جازت ويحصل أصل سنة العيادة بمرة ولأكمل في كل ثالث أو رابع وما ذكر في سياق الخبر هو ما في نسخ الكتاب لكن رواه البيهقي في الشعب وغيره من حديث جابر أيضاً بلفظ أغبوا في العيادة وأربعوا العيادة وخير العيادة أخفها إلا أن يكون مغلوباً فلا يعاد والتعزية مرة انتهى بنصه‏.‏

- ‏(‏ع‏)‏ وكذا ابن أبي الدنيا والخطيب ‏(‏عن جابر‏)‏ قال الحافظ العراقي إسناده ضعيف

1208 - ‏(‏اغتسلوا يوم الجمعة‏)‏ بنيتها ‏(‏ولو‏)‏ كان الماء ‏(‏كأساً‏)‏ أي ملء كأس منه يباع ‏(‏بدينار‏)‏ يعني حافظوا على الغسل يومها ولو عز الماء فلم يمكن تحصيله للاغتسال إلا بثمن غال جداً لكون ملء كل كأس منه إنما يباع بدينار لأن ذلك يكفر ما بين الجمعتين ومن أبدل كأساً بكانت فقد صحف كما بينه عبد الحق وجعل في رواية الدرهم مكان الدينار قال الطيبي‏:‏ وهذه الواو للمبالغة وقال أبو حيان‏:‏ لعطف حال على حال محذوفة يتضمنها الحال المتقدم تقديره اغتسلوا على كل حال وفيه ندب الغسل للجمعة فيكره تركه ووقته من الفجر عند الشافعية وتقريبه من ذهابه أفضل‏.‏

- ‏(‏عد‏)‏ عن إبراهيم بن مرزوق عن حفص بن عمر بن إسماعيل الأبلي عن عبد اللّه بن المثنى عن عميه النضر وموسى عن أبيهما ‏(‏عن أنس‏)‏ ثم قال مخرجه ابن عدي أحاديث حفص عن أنس كلها إما منكرة المتن أو السند وهو إلى الضعيف أقرب وفي الميزان عن أبي هاشم كان كذاباً ثم ساق له أحاديث هذا منها ومثله في اللسان ‏(‏عن أبي هريرة‏)‏ لكن ‏(‏موقوفاً‏)‏ على أنس وهو شاهد للأول وبه رد المصنف على ابن الجوزي جعله الحديث موضوعاً‏.‏

1209 - ‏(‏اغتسلوا يوم الجمعة‏)‏ بنيتها ‏(‏فإنه‏)‏ أي الشأن ‏(‏من اغتسل يوم الجمعة‏)‏ أي ولو مع نحو جنابة ‏(‏فله كفارة ما بين الجمعة إلى الجمعة‏)‏ أي من الساعة التي صلى فيها الجمعة إلى مثلها من الجمعة الأخرى وهذا يحتمل كونه جزاء الشرط وكونه دعاء ‏(‏وزيادة‏)‏ على ذلك ‏(‏ثلاثة أيام‏)‏ من التي بعدها هكذا جاء به مصرحاً في رواية وذلك لتكون الحسنة بعشر أمثالها قال بعض الكاملين وفيه مناقشة لأن ظاهر حال المسلم الصحيح المقيم حضوره إلى الجمعة فلم يفضل له ثلاثة أيام لاستغراق الجمعة إذ ذاك إلا إذا حصل الفضل من أيام نحو سفر أو مرض انتهى وجاء في رواية لمسلم وابن ماجه زيادة ما لم تغش الكبائر قالوا‏:‏ دل التقيد بعدم غشيانها على أن الذي يكفر هو الصغائر فتحمل المطلقات كلها على هذا القيد وذلك لأن معنى ما لم تغش الكبائر أي فإنها إذ غشيت لا تكفر وليس المراد أن تكفير الصغائر شرطه ‏[‏ص 16‏]‏ اجتناب الكبائر إذ اجتنابها بمجرده يكفر الصغائر كما نطق به القرآن ولا يلزم منه أن لا يكفرها إلا اجتناب الكبائر ومن لا صغائر له يرجى أن يكفر عنه بقدر ذلك من الكبائر وإلا أعطي من الثواب بقدره وهو جار في جميع نظائره‏.‏

- ‏(‏طب عن أبي أمامة‏)‏ قال الهيثمي فيه سويد بن عبد العزيز ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما‏.‏

1210 - ‏(‏اغتنم خمساً قبل خمس‏)‏ أي افعل خمسة أشياء قبل حصول خمسة أشياء ‏(‏حياتك قبل موتك‏)‏ يعني اغتنم ما تلقى نفعه بعد موتك فإن من مات انقطع عمله وفاته أمله وحق ندمه وتوالى همه فاقترض منك لك ‏(‏وصحتك قبل سقمك‏)‏ أي اغتنم العمل حال الصحة فقد يمنع مانع كمرض فتقدم المعاد بغير زاد ‏(‏وفراغك قبل شغلك‏)‏ أي اغتنم فراغك في هذه الدار قبل شغلك بأهوال القيامة التي أول منازلها القبر فاغتنم فرصة الإمكان لعلك تسلم من العذاب والهوان ‏(‏وشبابك قبل هرمك‏)‏ أي اغتنم الطاعة حال قدرتك قبل هجوم عجز الكبر عليك فتندم على ما فرطت في جنب اللّه ‏(‏وغناك قبل فقرك‏)‏ أي اغتنم التصدق بفضول مالك قبل عروض جائحة تفقرك فتصير فقيراً في الدنيا والآخرة فهذه الخمسة لا يعرف قدرها إلا بعد زوالها ولهذا جاء في خبر سيجيء نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ‏.‏